• الرئيس يمنح الشاعر المغربي محمد بنيس وسام "الإبداع والثقافة والفنون"
    منح رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، الشاعر المغربي، محمد بنيس، وسام الإبداع والثقافة والفنون، وذلك تقديرا لشجاعته وايمانه ودفاعه عن الحق الفلسطيني من خلال الثقافة والابداع، وسعيه الدائم لنشر ثقافة التسامح والسلم والحوار بين الثقافات.وتسلّم الشاعر المغربي الوسام، من سفير فلسطين لدى الرباط، زهير الشن، نيابة عن الرئيس عباس، وذلك خلال حفل أقامته سفارة فلسطين في الرباط.حضر الحفل، رئيس اتحاد كتاب المغرب عبد الرحيم العلام، ورئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب الفلسطينيين مراد السوداني، ومستشار العاهل المغربي عبداللطيف المنوني، وعدد من ...
  • حبيب الصايغ: حرمان الشعب الفلسطيني من حقه التاريخي سيزيد منطقتنا اشتعالًا
    حبيب الصايغ: حرمان الشعب الفلسطيني من حقه التاريخي سيزيد منطقتنا اشتعالًاعبَّر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، برئاسة أمينه العام الشاعر الكبير حبيب الصايغ، عن القلق البالغ من قرار سلطات الاحتلال الصهيوني منع صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، مستغلًا حادث إطلاق الرصاص في القدس قبلها، معتبرًا أن القرار خطوة في طريق تهويد مدينة القدس العريقة، وهدم المسجد الأقصى الشريف الذي بارك الله حوله، وهي الخطط التي لا يخفيها الاحتلال، وينتهز أنصاف الفرص ليمضي في تنفيذها.وأعرب حبيب الصايغ -باسمه وباسم رؤساء اتحادات ...
  • زكي درويش يحصد جائزة الاتحاد العام للأُدباء والكُتّاب العرب المخصصّة لفلسطين (48) عن ...
    منح الاتحاد العام للأُدباء والكُتّاب العرب الكاتب والقاص زكي درويش جائزة الاتحاد العام التي تُمنح سنوياً للسرد، حيث خصص الاتحاد العام جائزة للشِعر والسرد تمنح سنوياً للإبداع والمبدعين في فلسطين المحتلة العام 1948.وبحصول درويش على هذه الجائزة إنما يؤكد جدارته واستحقاقه عن سيرة ومسيرة تليق بالكُتّاب والمبدعين في فلسطين المحتلة العام 1948.وعن الجائزة عقب الشاعر مراد السوداني الأمين العام للاتحاد العام للكُتّاب والأُدباء الفلسطينيين بقوله: الجائزة تليق بزكي درويش سارداً عالياً ملتزماً بقضيته الوطنية، حيث قدّم العديد من العطايا الإبداعية ...
  • في الذكرى العاشرة لرحيله.. محمود درويش اسم من أسماء فلسطين الخالدة
     إن شاعر الأرض والإنسان محمود درويش، ابن البروة ، وحليف الغيم في الجليل الأعلى، غادر حياتنا جسداً، ولكنه باقٍ قصائد تردد، وتزحف نحو حلمه الأكبر، من مهده إلى لحده، رسم خارطة الوطن، على اتساع الهواء، ورغم أنف المنفى، لم يترك بيتاً دون حصان، ولا بئرا معطّلة إلا وأجرى ماءها، ولا سحابة تحرس البرتقال، إلا وقال لها: " انتظرها"، ومن شفاه مجروحة، حتى قلبه العامر، خطّ ذكريات، وحكايات، الحنين، والأمل، فكان شاعراً غير إعتيادي في وصف الحالة الوجودية للإنسان على هذا ...
  • خلال انعقاد اتحاد الكتاب العرب في أبو ظبي ...
    انعقد المكتب الدائم للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب في أبو ظبي ما بين 20-22/1/2015 حيث تشكل الوفد الفلسطيني من الشاعر مراد السوداني والروائي وليد أبو بكر والشاعر خالد أبو خالد وألقى الأمين العام مراد السوداني كلمة الوفد في افتتاح أعمال المكتب الدائم الذي اشتمل على العديد من القرارات الخاصة بالثقافة الفلسطينية حيث أوصى المكتب بتكريم المترجم والكاتب د. صالح علماني في اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في طنجة في شهر 6 القادم وتكريم آخر في نهاية العام ...
  • أخبار الاتحاد
     إن شاعر الأرض والإنسان محمود درويش، ابن البروة ، وحليف الغيم في الجليل الأعلى، غادر ...
    منح الاتحاد العام للأُدباء والكُتّاب العرب الكاتب والقاص زكي درويش جائزة الاتحاد العام التي تُمنح ...
    مقالات
    بقلم: نصار إبراهيم***أهمية الموضوع[هي ذات المقاربة فكما أوصلتنا المساومة على المبادئ والتنازل أمام الفكر الديني ...
    د. عادل الأسطةلمحمود درويش الذي تمر، هذا اليوم، ذكرى وفاته (9/8/2008) كتاب نثري عنوانه «حيرة ...
    نصوص"نسوان حارتنا": ليس مجرد حنين بل تمرد على الاغتراب!

    بقلم: نصار إبراهيم
    "والتفتوا إلى أُمِّي لتشهد
    أَنني هُوَ... فاستعدَّتْ للغناء على
    طريقتها: أنا الأمُّ التي ولدتْهُ’
    لكنَّ الرياحَ هِيَ التي رَبَّتْهُ.
    قلتُ لآخري: لا تعتذر إلاّ لأمِّكْ" (محمود درويش)
    "نسوان حارتنا" (مجموعة قصصية) – محمود أحمد الشمايلة – لوحة الغلاف الأمامي للفنان مهند القسوس ولوحة الغلاف الخلفي للفنان علاء القسوس - -تصميم وإخراج فني كمال قاسم- إصدار دار البيروني للنشر والتوزيع - - الطبعة الأولى- 2015- تقع المجموعة في 127 صفحة.
    ***
    حين بدأت قراءة نصوص "نسوان حارتنا" راحت المسافات بيني وبينها تختفي وتتلاشى شيئا فشيئا... بل وراح الكاتب محمود الشمايلة ذاته يغيب.. لأجد نفسي أتحرك في ذات الأمكنة وكأنها تخصني... ذات الأسماء وذات الوجوه وذات النبض... ذات الأغنيات وذات المشاعر وذات القيم وذات الروح... وحتى اللهجة الكركية بدت وكأني أسمعها منذ يوم ولادتي، لم تكن أبدا غريبة علي... كما وجدتني طفلا يغفو عفويا في أحضان أم محمود الشمايلة وجدّته وجاراته... لقد اكتشفت في هذه النصوص بأن أم محمود الشمايلة هي أمي ذاتها... "الوالدة- رحمها الله- وبالمناسبة اسمها "فضّة"، وتحبّبا كنت أناديها "سيلفيا" هي مزيج مدهش من التقاليد والثقافة البدوية والفلاحيّة، متوسطة القامة، نحيفة القوام، حنطيّة اللّون، تلبس ثوبا بدويا تقليديا مطرزا بنقوش كنعانية، هادئة الطبع، في عينيها براءة ودهاء، مرنة في تعاملها دون أن تتخلى عن عناد الصّحراء الرابض في أعماقها... كانت تضع كل واحد عند حدّه بجملة هادئة لكنها غريبة في قدرتها على فرض الالتزام والتقيّد بالحدود.. تقول: كونوا أحرارا، ولكن إيّاكم والنّذالة أو المال الحرام أو التهاون في المدرسة،عندها سأسخطكم كما سخط الله قوم لوط! أمام هذا من سيتجرأ ويغامر أو يخاطر، كنا نهمهم ونصمت". (نصار إبراهيم – الطنجرة (قصة) – 2009).
    في غمرة الرحيل في نصوص "نسوان حارتنا"... كانت الأسئلة تنبثق وتتوالد وتلحّ بصورة تلقائية... هل هي مجموعة قصصية متناثرة أم نص واحد في لوحات وانتقالات متعددة؟ هل النصوص مجرد حنين وإيقاظ للذاكرة، أم أنها تحمل ما هو أبعد من ذلك؟ هل ما أراده محمود الشمايلة هو توثيق بعض الظواهر الاجتماعية الأردنية لا أكثر؟ ما الذي كان يلح على محمود الشمايلة ليذهب في هذه الرحلة، وما هي الدوافع أو الخوافي التي كانت تسكنه...؟ والأهم لماذا اختار النساء كمرتكز لنصوصه.. بينما حضر الرجال كتنويع في خدمة البنية الأساسية؟ ما هو المضمر أو الغائب الحاضر الذي كان يغمر النصوص بما يتجاوز الحنين الذي كان يستدعي الدمعة أو البسمة بلا استئذان؟
    وفي النهاية ما علاقة هذه النصوص باللحظة أو الواقع الراهن... هل تحمل رسالة ما؟ وما هي؟
    يقول محمود في التقديم الكثيف لمجموعته القصصية: "ألقي برأسي على صدر أية امرأة تشبه أمي...عبثا.. أحمل مظلتي الواقية للحنين، تحملنا أرصفة المدن المعلبة إلى حيث لا أدري،،،... أحلامي خالية من الفرح... كم أشتاقني!!! كبرت... كبرت كثيرا... كبرت إلى الحد الذي لم أعد فيه أعرفني... سقطت الجدران وبقيت الأسماء عارية من أصحابها.... معلم اللغة العربية الذي كان يصفعني كل يوم أصبح صديقي ولم يعد يضربني،،.. لا أدري كم أحتاج من الحنان كي أصير طفلا... ولا أدري كم أحتاج من الصفعات لأعرفني".(ص 13-14).
    هنا نجد بداية الخيط الرهيف الذي يقود محمود الشمايلة في رحلته الأدبية الاجتماعية هذه... خيط أساسي وحاسم... فبقدر ما أن النصوص كانت تفيض بالألفة والحنين... إلا أنها كانت مغمورة بذلك النوع من الألم والعتاب والتمرد إن جاز التعبير... وكأن محمود الشمايلة وهو يعود نكوصا نحو ذلك الزمن الذي كانت فيه "نساء الكرك" قوة فعل ومبادرة بكل ما يرافق ذلك من فضاء اجتماعي وروحي وأخلاقي ونفسي... إنما يعود تحت ضغط الواقع الراهن وأثقاله المضنية... إذن هو يعود كنوع من تعويذة حمائية لروحة التي تجابه نوعا من الاغتراب في الواقع المعاش بكل أبعاده، ضغط "المدن المعلَّبة"، وهذه نقطة ارتكاز حاسمة سيحدد وعيها وإدراكها وظيفة هذه النصوص الإبداعية بامتياز.
    نقطة الارتكاز المشار إليها تعكس بجلاء التناقض العميق بين مرحلة وبنى اجتماعية كانت سائدة في زمن سابق بكل تجلياتها وحركتها، وبنى اجتماعية ناشئة راحت تضرب في عمق الوعي وتهز التماسك ومضامين وركائز الهوية الاجتماعية والنفسية والوجدانية وما يترتب على ذلك من قلق وشك.
    لا أعتقد أن محمود الشمايلة في مقاربته لهذا التناقض الشرس كان يقصد العودة بالزمن والواقع والعلاقات إلى الوراء... فهذا مستحيل من حيث المبدأ... كما أنه يناقض الصيرورات الاجتماعية وما يرافقها من تحولات...
    يكشف محمود في نصوصه ويؤشر إلى معضلة جدية أكثر عمقا من مجرد الحنين... والمقصود المفارقة أو المأزق الذي يواجهه المجتمع الأردني وأي مجتمع يشبهه بشكل خاص والمجتمعات العربية بشكل عام، وإن بتفاوت نسبي... إنهامعضلة الانتقال والتحول الاجتماعي وشروط هذه العملية والتحديات والمخاطر التي تحملها...
    فالتحولات الاجتماعية المرافقة لتطور المجتمع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في ظل عواصف العولمة وثورة الاتصالات والتواصل جاءت وحملت معها قوى عميقة التأثير... وخاصة على المجتمعات التقليدية التي لم تقطع بصورة طبيعية رحلة التطور ما بين البداوة والمجتمع الزراعي نحو بناء مجتمع مديني صناعي أصيل.
    لهذا كان الشمايلة في نصوصه يذكِّر ويلح بإصرار على تلك القيم النبيلة والجميلة التي كانت سائدة في زمن كانت فيه العلاقات الاقتصادية أقرب للاقتصاد الطبيعي... فهو من خلال ربط الشخصيات والسلوك بعلاقات الانتاج السائدة يشير إلى التناغم والانسجام الذي يتولد بناء على تلك العلاقات تلقائيا، وبالتالي ينعكس في الأدوار والسلوك والبنية النفسية الاجتماعية والثقافية سواء عند الفرد أو عند الجماعة... فمع أن ذات اليد كانت قليلة والموارد شحيحة إلا أن الأرواح كانت عالية وعميقة وعفوية، كريمة وأصيلة، يقول "لله درك يا أمي كيف استطعت أن تحتملي كل هذا الألم؟؟!! لماذا احتجت كل هذا العمر لأعرف أن شوربة أمي أطيب من قهوة أم محمود درويش؟؟!!! لماذا؟؟!" (ص 62). هنا لا يقصد الشمايلة أن قهوة أم محمود درويش لا معنى لها.. بل يريد أن يقول ما أعرفه ويسكنني هي "شوربة" أمي حيث تشكلت ذاكرتي، وحيث مارست تطوري الطبيعي... ولكي يضئ هذا المعنى المضمر فإنه يجيب على التساؤل الذي أثاره في مكان آخر من المجموعة "في حارتنا ليس بالضرورة أن تقتني كل الأشياء، فثمة قلوب تشاركك فرحك وحزنك بنفس المقاسات" (ص 95).
    لقد حاولت النصوص عبر حركة وتفاعل شخصياتها وأمكنتها وأحداثها تغطية تلك المساحات الروحية والنفسية التي كانت تغمر فضاء العلاقات الاقتصادية البسيطة والعفوية... لقد قام محمود الشمايلة بتركيز البؤرة على الجوانب الروحية العميقة التي كانت تؤكد على أصالة الإنسان وانتمائه لذاته وللجماعة... حيث الفضاء المفتوح المتناسب مع علاقات العمل ومواجهة تحديات الطبيعة... بهذا المعنى لا يعود غريبا أو مستهجنا أن نرى إبريق الشاي الكبير وهو ينتقل من بيت إلى بيت وكأنه يخص جميع البيوت دون أن يكون في ذلك أي انتقاص أو فهم خاطئ...
    هي البنية الاجتماعية الطبيعية هكذا... حيث الأفراح والأحزان هي أفراح وأحزان الجميع... والمسؤولية مسؤولية الجميع... والأم هي أم الجميع والجدة جدة الجميع... هكذا يعيد محمود الشمايلة تذكيرنا بزمن البداية والتكوين حين كان الإنسان أكثر انسجاما مع نفسه ومع الجماعة ومع الطبيعة... حيث ترى الجماعة نفسها في سياق وعيها لذاتها وعلاقاتها كمكون عضوي أصيل من مكونات الطبيعة الحيوية والفاعلة... لهذا كانت علاقاتها منفتحة بما يحمي روح الجماعة ووعيها... بما يعطيها قوة التماسك والتضامن ومواجهة ضغط الواقع سواء كان بفعل الطبيعة أم لأي سبب كان...
    في هذا السياق تماما يمكن وعي معنى ووظيفة تركيز النصوص على نساء الحارة... نساء الكرك... نساء الأردن... أو نساء فلسطين إن جاز التعبير.. إنه خيط عميق جدا... يعيدنا إلى مكانة المرأة الأولى... حين كانت المرأة بذاتها مقدسة ومحترمة وفاعلة... صحيح أن مكانتها تراجعت.. لكنها لم تقطع مع أصول التكوين الأولى:
    في أسطورة التكوين السومرية تقول الإينوما إيليش شعرا وهي من أروع ما أبدع الإنسان في الحضارات القديمة:
    [عندما في الأعالي لم يكن هناك سماء،
    وفي الأسفل لم يكن هناك أرض.
    لم يكن (من الآلهة) سوى آبسو أبوهم،
    وممو، تعامة التي حملت بهم جميعاً.
    يمزجون أمواههم معاً.
    (....)
    أخذ من لعاب تعامه
    فخلق الغيوم وحملها بالمطر الغزير
    وخلق من لعابها ايضاً ضباباً
    ثمَّ عمد إلى رأسها وصنع منه تلالاً.
    وفجَّر من أعماقها مياهاً
    فاندفع من عينيها نهرا دجلة والفرات.
    ثم نزع عنها شبكته تماماً
    وقد تحولت إلى سماء وأرض
    (...)
    أنت عون الآلهة مامي أيتها الحكيمة
    أنت الرحم الأم...] (فراس سواح – مغامرة العقل الأولى.)
    على خلفية هذا الفضاء الأسطوري القيمي والاجتماعي العميق... كانت"نسوان حارتنا" نساء الكرك، نساء الأردن يتحركن... فهن لسن مجرد نساء مستلبات... منغلقات.. ومقيدات وراء جدران وملابس لا معنى لها... بل هن امتداد فاعل للمرأة التي شكلت في ثقافات بلاد الشام وما بين النهرين قوة خلق مقدسة.
    لقد تجلت "نسوان حارتنا" بجمال بهي ... بمواقف حاسمة... وقوة فاعلة... حضرن بأناقة كانت تضفي عليها "العصبة" و"المدرقة"... ودلة القهو وسيجارة الكمال أو الريم... شحنة قوة واستقلال... ذلك لأنهن في سياق الاقتصاد الطبيعي لسن مجرد مستهلكات، بل قوة منتجة في البيت وفي الحقل وفي الحياة... لهذا انتزعت أولئك النساء احتراما عميقا وشكلن فضاء ثقافيا، كما كانت لهن كلمة وصولة حتى في مواجهة أعتى الرجال... تقول أم عبد القادر "وينهم الرجال؟ هو ظل فيها رجال أخبي راسي منهم؟... إنت حاسب حالك زلمة يا سقيطة؟؟، بتمد إيدك على حرمة يا حرمة!!" (ص 33)... لم يكن بمقدور أي امرأة أن تخاطب رجلا أيا كان بهذه اللهجة القاهرة لو لم تكن ممتلئة في أعماقها بمكانتها وحقها بالقول... والأهم معرفتها بأن قولها سيلاقي الاحترام وسيكون له تأثير مباشر... ذلك لأنها ترتكز في موقفها إلى معرفة عميقة بأن البيئة الحاضنة تعزز هذا الدور وتحميه... وإلا ستنهار كل منظومة القيم وآليات الضبط الاجتماعي.
    هذه الخافية تجد ركائزها في العلاقات الاجتماعية التي شكلت الفضاء أو المرجعية التي كانت تتحرك فيها المرأة بما هو فضاء منفتح ومندمج في ذات الوقت...
    فهو فضاء منفتح بالمعنى المكاني، بمعنى أن المكان مفتوح للحركة... البيوت والحارات وانسجام الأماكن العامة (الدينية والساحات والدكاكين والحوش والديوان والمدرسة والباص) التي كانت للجميع بغض النظر عن المعتقد الديني.. إنها موجودة هكذا... وبوجودها الطبيعي هذا كانت تؤمِّن للاندماج الاجتماعي مجاله ووتعطيه دلالاته وقوته الرمزية وأعماقه: "عند نقطة التقاء شارع الخضر بشارع الملك طلال عليك التوجه غربا للوصول إلى المسجد العمري وفي الزاوية الشمالية الشرقية المقابلة للمسجد ستجد كنيسة الروم الأرثوذوكس" (ص20)... وذات الأمر نلاحظه في قصة "الخلاف" على مقام الخضر الذي انتهى بأنه مقام للجميع... إذن هو فضاء متنوع ولكنه موحد... إنه فضاء يشبه تداخل الحقول المغناطيسية... وفي حال حدث تناقض أو تجاوز ما، كان الإيقاع العام يقوم بإعادة التوازن لسياقاته وضوابطه الراسخة في الوعي. لهذا "يحدث للأمكنة أيضا أن تتنازل عن أسمائها حبا وطواعية لساكنيها، تلغي نفسها أمام عظمة من منحتهم شرف الانتماء إليها؛ فيلعبون أدوارهم بمهارة واقتدار ليصبحوا ركنا تهوي إليه الأفئدة" (ص 35).
    إذن هو الفضاء المكاني الفسيح... فالحارة هي امتداد للبيوت والجبال والسهول وحقول القمح المفتوحة على بعضها وذاتها... إنها الأبواب والنوافذ المشرعة هكذا "على جانبي الدرج نوافذ مغلقة، وأخرى مفتوحة، أبواب مشرعة، أو ربما نصف مغلقة، ملابس ملونة علقت على الحبال، بعضها ما يزال مبلولا، قوارير بلاستيكية وحديدية سكنتها نباتات مختلفة تدلت على الجدران لتزيد المكان جمالا أكثر..." (ص 57).

    أما على المستوى الاجتماعي فيتمظهر التناغم والمشاركة من خلال حركة الناس وتفاعلهم وعملهم الإنتاجي الجماعي... فالبيوت بقدر ما لها خصوصياتها إلا أنها مفتوحة للجميع... فهي تحافظ على التوازن بين الخصوصية والانفتاح بدقة يضبطها دائما احترام المسافات والعلاقات والآخر مهما كان... في إطار هذه المعادلة تقوم الشخصيات الاجتماعية، سواء كانت نساء أو رجالا، وبما تملكه من حكمة ومسؤولية بضبط إيقاعات الحياة اليومية وتناقضاتها... سواء في الاحتفالات أو الأعراس أو المآتم أو الطهور أو العماد أو المرض، في موسم غسيل الصوف أو الحصاد أو أي حدث اجتماعي...
    لم يكن الفقر عيبا، كان العيب أن تأكل وجارك يجوع... كان العيب أن تضحك وجارك يتألم.. كان العيب أن لا تفرح حين يكون جارك فرحا... كان العيب أن لا تمد يد العون لمن يحتاجها...
    في هذا الفضاء تشكلت الطفولة لأجيال كاملة... أجيال تعود بين وقت وآخر للبحث عن تلك القيم، لكنه بحث لا يستهدف العودة بالزمن للوراء... فهذا مستحيل... بل يستهدف في العمق محاولة إيجاد التوازن في الواقع الاجتماعي الراهن مع الحفاظ على جذور وركائز القيم الأصيلة والإنسانية التي تحافظ على الهوية الوطنية والاجتماعية ومكانتها وأولوياتها.
    إنها عملية صعبة باتت تطرحها حالة الاغتراب الاجتماعي التي يفرضها الواقع الراهن، والاغتراب قد يكون اغترابا مكانيا... أو نفسيا داخليا أي ما يشبه المنفى، أو اغتراب الفرد أو الجماعة عن ذاكرتهما الممتدة ومكوناتها الثقافية الحضارية التاريخية، وقد يكون اغترابا عن العمل وأدوات العمل وعلاقات العمل...بما تمثله من بنى اقتصادية خاضعة لقوانين السوق ووحشيته وما يرافقها من ثقافة استهلاكية على المستويين المادي والمعرفي... بكل ما يترتب على ذلك من هشاشة وأنانية وضيق أفق اجتماعي وسلوكي... بهذا المعنى يقول الشمايلة "حوش الدار أصبح ذاكرة للتعذيب بالحواس، سيل الكرك ما زال يذرف الدمع" (ص 30)، أي أن الوعي أصبح في كل لحظة يقيم مقارنة بين ما كان وما هو قائم الآن... فيكتشف هول الاغتراب وهول الفقد... هذه الإشكالية عبر عنها الشمايلة بدقة حين قال"مع كل شبر نذر.... كبر سالم وكبر همه في قلبها، ابتلعته العاصمة عمان حيث كان يعمل" (ص16)، و"عمان" هنا تعني المدينة التي تخطت تلك العلاقات الطبيعية كما شوهتها بصورة ما.
    إنها ذات الإشكالية التي عبَّرتُ عنها يوما بطريقتي في نص الطنجرة المشار إليه سابقا: "(...)مع بداية الستينات انتقلنا للسكن في بيت من الحجر، لا زلت أذكر ذلك اليوم جيدا... كان بالنسبة لنا بمثابة "صدمة ثقافية" على حد تعبير عالم الاجتماع الأمريكي آلفن توفلر. حملنا معنا كل إرث البداوة، قيمها، سلوكها، مهاراتها، بقي حبلنا السُّري موصولا بها وبكل ما جاءت به لامية العرب للشنفرى. تمرّست حواسنا الست في التعامل مع همسات الطبيعة، نتكيف مع الفصول وتقلباتها بكل مهارة، نجيد السير في الليل كما النهار، حينها لم يكن يفصلنا عن السّماء والأرض شيئا" ( نصار إبراهيم - الطنجرة – 2009).
    إذن السؤال أو التحدي العميق الذي تطرحه نصوص "نسوان حارتنا" هو: كيف نمضي في صيرورة التطور والتعامل مع الواقع وفي ذات اللحظة أن نحمي أعماقنا وهويتنا وقيمنا التي تعطي للإنسان إنسانيته العميقة وتحافظ على الخصوصية دون أن تتحول إلى حالة انعزال وانغلاق على الذات... أي كيف سيبقى الإنسان ويكون هو هو، وفي ذات اللحظة أن يكون جزء من الواقع الإنساني المحيط، ويتفاعل معه بالطاقة القصوى دون أن يسلبه ذاته وهويته وشخصيته؟... هذه هي الإشكالية الحاسمة التي يقوم محمود الشمايلة بطرحها أمامنا في نصوصه المتكاملة.
    ضمن هذا التفاعل ما بين الكاتب والزمن الماضي والواقع الراهن والنصوص يتحرك الوعي... ويصبح حنين الذاكرة قوة دافعة أو خافية إلحاح مؤلمة لكنها مؤثرة: "عندما استيقظت وجدتني بعمر الأربعين وكنت قد نسيت كيف أبكي كما نسيت سيكارة أم ابراهيم" (ص 49).
    وفق هذا المنطق الذي شكل الأسس والنواظم المضمرة في نصوص "نسوان حارتنا" دفع محمود الشمايلة المرأة بذاتها إلى قمة الجمال.. وجعلها بما هي عليه من وضوح وانتماء وأصالة ووعي معادلا للوطن أو المجتمع الذي يرتقي إلى مستوى الحلم يقول: "نسوان حارتنا متشابهات حتى في قلوبهن" (ص 92) ثم يضيف موضحا: "هكذا اختزلت أمي كل اللغة في امرأة بحجم وطن" (ص 121).
    هذا بالضبط هو سر إصرار محمود الشمايلة في نصوصه على أن يعيش ذات اللحظة في زمانين... فهو من جانب يعود إلى الماضي نفسيا ومعرفيا وذاكرة، ومن جانب آخر يعود وهو مثقل بأسئلة وتناقضات وسياقات زمنه الراهن، إنه يريد أن يعود ليس لذات الواقع، بل لجوهر الفكرة، لهذا فهو قلق لأنه لم يتمكن من حل التناقض الفعلي... إذ ليس بمقدوره أن يتخلص من الحاضر أو ليس بمقدوره أن ينفصل عن راهنه بكل تحدياته... تتجلى هذه الرغبة الجامحة والإشكالية في المشهد الجميل التالي:
    [" صباحات العيد، أسير بملء قدميّ إلى بيت أمي، أطرق الباب ثلاثا فيأتي صوتها دافئا آمرا:
    - فوت يلي ع الباب.
    - يقفز الطفل الذي يسكنني فلا أجيب، أطرق الباب مرة أخرى... يأتي صوتها ثانية:
    - مين ع الباب.
    - أصمتُ... أطرق الباب ثم أختبئ خلف السور.
    تخرج أمي فلا تجد أحدا...
    أضحك كثيرا... تماما كالأيام الخوالي...
    ذات طفولة كنت في حضرة أمي
    (...) خلف الجدار... ما زلت أختبئ... وقبل أن تعود أمي إلى الداخل... أقف في وجهها دفعة واحدة بعد أن أُخرس الطفل في داخلي........... ابتسمت... ضحكت ......... ضحكت كثيرا.... ذرف الطفل في داخلي دمعة......"] (ص 55- 56).
    في سياق هذه العملية العميقة... أي حركة الوعي والذاكرة والأسئلة والواقع... تتحرك النصوص... وبحركتها الحيوية تلك تصبح نصا واحدا يغطي الأمكنة والشخصيات وفعلها... كل مشهد أو حكاية فيه تضئ ما غيرها، وتدفعه ليصبح أكثر عمقا وانسجاما ووضوحا... وكأن محمود لا يريدنا أن نخطئ باجتزاء نصوصه، لهذا أبقاها متشابكة ومتداخلة... حيث نواصل التفاعل مع ذات الأمكنة وذات الوجوه وذات القيم... ولهذا بالضبط نجده في الخاتمة وكأنه يعود بنا نحو خط البداية من جديد... يقول "كبرنا وكبرت أمي وفعلت الأيام فعلها.... وأنا ظلت تصر على أن تناديني ب (يا عَيِّل) وكأنها ترفض أن نكبر... كبرنا يا أمي......وأنا صرت طفلا كبيرا أبحث عني تحت قدميك." (ص 127)." ليتني بقيت طفلا ساذجا أجول الحارات وأنا أمسك ب(ردن مدرقة أمي) وانتقل ما بين حِجْرِ أم صالح وحِجْرِ أم عدنان وأغفو قليلا في حضن جدتي" (ص 125).
    هكذا ينهي محمود الشمايلة روايته أو نصوصه وأسئلته وقلقه وأحلامه بفرضية مفتوحة على المستقبل: "وأنا صرت طفلا كبيرا أبحث عني تحت قدميك"... في هذا التكثيف شديد الدلالة تتجاوز والدة محمود دائرة الأم المحددة لتصبح رمزا لكل النساء اللواتي شكلن قوة الفعل والخلق في نصوص الشمايلة... وبهذا فإنها أصبحت معادلا لكل النساء...
    في إطار هذه الصيرورة الأدبية الاجتماعية تستعيد المرأة في نصوص "نسوان حارتنا" بعضا من قداستها التي دنستها الهيمنة الذكورية عبر التاريخ... وهو ما عبر عنه بصورة جميلة وعميقة الروائي المصري يوسف زيدان في روايته "ظل الأفعى – دار الشروق - 2006" (في العربية اسم مفرد لا يمكن جمعه، واسم جمع لا يمكن إفراده. المفردة التي لا تُجمع، هي كلمة (المرأة) والجمع الذي لا يفرد، هو كلمة (نساء)... فالمرأة أبدا، واحدة.والنساء صورتها المتكثرة، بلا إفراد. المرأة ربَّة فَرْدَةٌ، والنساء مقدسات كثيرات. كنّ بالأمس مقدسات، ثم صرن (أو صار أغلبهن) اليوم، مثلما أريد لهن: مدَنَّسات... صرن خليطا شائها يجمع بين القداسة الفطرية فيهن، والدَّناسة المكتسبة لهن بحكم الثقافة السائدة...).
    في كل الأحوال تبقى الأسئلة والتحديات التي عبرت عنها نصوص "نسوان حارتنا" محكومة بسياقاتها كمبادرة أو حركة فردية... قد نجد شبيها لها في بعض المنتوج الثقافي الأردني والعربي... والخطورة هنا أن يتم عزلها وإبقائها مقيدة في غرفة الحنين، أي النوستالجيا الشخصية بما يفقدها أحد أهم أبعادها، أقصد ما تحمله من نقد مضمر أو معلن لحالة الاغتراب الاجتماعي والانفصام الاجتماعي للشخصية الذي باتت تعاني منه قطاعات واسعة من مجتمعاتنا بما في ذلك شريحة المثقفين...
    وبالتالي فإن حالة الاغتراب المشار إليها تستدعي فعلا سياسيا اقتصاديا اجتماعيا ثقافيا منظما... يستهدف إطلاق صيرورة تراكمية لتأمين عملية تغيير جذرية جوهرها تحويل المجتمع من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج... وفي قلب هذه العملية تكمن فرصة المرأة في تجاوز الصورة النمطية التي حددها لها الواقع المشوه حين حولها، بصورة عامة، إلى شخصية هشة وضعيفة، إلى سلعة ومدنس أو كينونة خاضعة وتابعة ومستلبة.

    الإثنين | 16/11/2015 - 12:32 مساءً