إن شاعر الأرض والإنسان محمود درويش، ابن البروة ، وحليف الغيم في الجليل الأعلى، غادر ... |
منح الاتحاد العام للأُدباء والكُتّاب العرب الكاتب والقاص زكي درويش جائزة الاتحاد العام التي تُمنح ... |
إن شاعر الأرض والإنسان محمود درويش، ابن البروة ، وحليف الغيم في الجليل الأعلى، غادر ... |
منح الاتحاد العام للأُدباء والكُتّاب العرب الكاتب والقاص زكي درويش جائزة الاتحاد العام التي تُمنح ... |
بقلم: نصار إبراهيم***أهمية الموضوع[هي ذات المقاربة فكما أوصلتنا المساومة على المبادئ والتنازل أمام الفكر الديني ... |
د. عادل الأسطةلمحمود درويش الذي تمر، هذا اليوم، ذكرى وفاته (9/8/2008) كتاب نثري عنوانه «حيرة ... |
السلام عليكم عليّاً رضيّاَ..مفرداً جمعاً
السلام على أبي إبراهيم ..وبعد..
ربمّا شهر أو يزيد وأنا أدوّر هذه الرسالة حتى أصابني دوار هتّاف، حتَّ قلبي وأورثني غمّة فقلت:" احتمل غمّة البرمكيين". وها أندا أخط لك أيها الكبير المحتمل، والعنيد الجسور هذه السطور..لتكون شاهدة في زمن السقوط والارتهان والإقعاء على موائد اللئام..زمن السلام الجنائزي والمثقف المباع ، زمن الردّة والارتداد..وتكالب الأدعياء على الأخضر الماكر..زمن الشلف ومحض السفالات..وتقاسم الجوائز الثقافية مع الأعداء.
كنت شبلاً في الانتفاضة الكبرى لعام1987 حيث قلّبت ما وقع تحت باصرتي من سيرتك ومسيرتك..وها أنذا أعيد القراءة والدرس فأحسست بالذنب والتقصير تجاه أحد الأسماء الكبرى في بلادنا مؤسس ورئيس الاتحاد العام للكتاب والصحفيين لعام 1972
الشاعر والمفكر ناجي علوش.
وقرأت في مذكرات الكاتب نزيه أبو نضال التي سترى النور قريباً، أسماء الأمانة العامة التي كنت رئيسها بعضها ذهب شهيداً، وبعضها بقي على جمرة الصبر والمنازلة وبعضها وجد المال فمال وأخاله يخشى ذكر اسمك..
فقد أورثته الانتهازية داءها العضال فاحتاز غير شقّة في غير بلد ونسي أصحاب الفضل.
وتساءلت: إنّ فلسطين التي منحها الرجال جذوة الروح والجسد تستحق منّا الأفضل..بعد أن غمّ الخذلان حتى طمّ، واستنسر بغاث القوم..وسقط من سقط في الطريق..ولأنّ الوفاء وردتنا الأبقى يومياً في الطريق من قريتي دير السودان مروراً ببيرزيت وما بينهما من حاجز احتلالي لئيم..أتذكّر ناجي علوش وكمال ناصر..وقد طلبت شخصياً من بلدية بيرزيت أن نعمل معاً لوضع تمثال للشهيد كمال ناصر..ومنذ سبع سنوات ما زال الوعد وعداً..
فالشهداء سيعودون هذا الأسبوع..وكل لحظة..لكنهم سيذكروننا يا أبا إبراهيم لأننا وجدنا التجارة بالذهب والدم فتاجرنا..وبات وطننا وطن المجاعة والفراغ بتعبير الباقي حسين البرغوثي.
أمّا عن مكتبتك التي تبرعت بها لجامعة بيرزيت فإننا ومنذ خمس سنوات ننتظر الموافقة على أن ينقلوها للبلاد. لم تفهم الموظفة المكتبية البائسة أن هذه المكتبة من حق أجيالنا..وقد تبرع بها ناجي علوش وهي رأسمالية الباقي من أجل أبنائنا..ولكننا سنحضرها إن شاء الله وننفذ الوعد.
يكفيك فخراً أن اسمك مازال يرجّ المدى..
فهذا دليل صدق وحقّ..فالعلّة العارفة هي التي تصنع التاريخ وتغيّره كذلك..والمثقف النقدي هو الذي يحرس الحلم ويبقى بعد انهيار ما تبقّى لكم..والمثقف في ظلّ اختلال الموازين وانقلاب المعايير وتشويه الحقائق والإنكار المدان.
التي نطوّق بها أعناق الرجال..ولا بدّ لنا أن نفيد من تجارب الآباء والرواد المؤسسين لنعبر هذه العتمة ونواصل الطريق رغم قلّة الزاد والعلّيق الجرّاح والعلق النّهاب..
لابدّ أن نغترف من قراح الفعل المجيد وقولة الحق الصّداحة حتى يكون الزمن أكثر احتمالاً. وحتى نعلّم أبناءنا أن الوفاء فريضة وأن للرجال علينا حق، أن نتابع خطاهم من أجل العالية الشاهدة الشهيدة فلسطين، وأن نجعل أسماءنا الثقافية الكبرى في صدر منهاجنا الذي غفل عن الكثير منهم لجهل أو لموقف أو لتمويل...الخ
وفي ظلّ الواقعية السياسية الخائبة..باتت هلوسة قتل الأب سياقاً. تحديداً في المشهد الثقافي..حيث وجد البعض في التنكّر للآباء لأسلوبهم الأجل..وفي إهالة التراب على السادة الكبار ومشروعهم المعرفي طريقة مثلى للصعود إلى قمة الوهم والهوان ولتحقيق ذات عاجزة عن مطاولة أجيال البلقان. ولأنها فلسطين الأنقى والأبقى فهي لا ترضى سوى بالجدير والحقيقي، الذي تليق به ويليق بها..وأنت أيها الشاعر والمفكر والمناضل الجمع، واحد من الذين خلقوا ليعطوا ولم تمدَّ يدك..بل مددت قدمك..لأنه آن لأبي حنيفة أن يمدّ قدم، في ظل من ينسى أو يتناسى..فقد استطعت وبحق أن تكون مثقفاً جسوراً لا يؤجرّ قلمه ولا قلبه إلاّ للبلاد..فَحُسْتَ في غربة غريبة، وحزنت وبكيت وجعت وظلمت وبقيت تطلق حتى اللحظة: بالدم نكتب لفلسطين..فقد صارت شعاراً منذ العام 1972، وحتى اللحظة..وها نحن أبناؤك في الأرض المحتلة نقول: سيأتي من يحمل الدرع ثانية والرمح كذلك ولن تسقط الراية، لأن ثمة من يأتي ليتابع الخطى، خص الشهداء والشهداء الأحياء..وعلى الرغم من أن بعض المثقفين والكثير منهم في بلادنا المحتلة تمت بردختهم، بالترهيب تارة وبالترغيب تارة وبأموال ومشارط المانحين وإل( (NGO,sدام فضلها على مؤسساتنا ومثقفينا؟!! والكتابة وفق مزاج المحرّر الذي تحتضن صحيفته رثّ الكلام وما واهن من القول، فإنّ البلاد بخير والمقولة بخير..كيف لا وأنت قائد حرب غوار الثقافة بامتياز..والبادئ أكرم.
العزيز ناجي علوش..
"ولا تنهوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم صادقين"
فهذه ضريبة الصدق في القول..وضريبة المثقف الكفء الذي يأبى أن يقف على باب السياسي..وهذه ضريبة هذه الفلسطين التي تقودنا من قلوبنا نحو حقيقتها الباذخة..وهذه ضريبة الالتصاق بالفقراء والجماهير والانحياز لروحهم الوسيعة.
لقد كتبت هذه الرسالة العاجلة تأزيم لافح ومرّ..وقد قرأت مقالتك عن الشهيد القائد (أبو داوود).. وبكيت، نعم لأن الرجال يذهبون دون وصيّة أو وداع..كما يرحل الطرواديون على محضّة الماء..حيث تتعالى أجسادهم نيراناًً ووهجاً يفضح العتمة والإنكسار..وكلّما وهمنا الليل تفهق أفعالهم البيضاء فينكسر الحزن والويل والسقوط.
عزاؤنا أن تجارب الرجال ستبقى هادياً للأجيال القادمة التي ستخلف ظرفها ومساحتها حتما باقتدار..لركز علم البلاد على سفوحنا المحررّة بسواعد البطولة..قل متى هو، قل عسى أن يكون قريبا.
الكبير الجميل ناجي علوش...
ماء كثير جرى تحت النهر وفوقه وعلى حفافيه..أصدقك القول أن الثقافة اليوم في الأرض المحتلة ضغاث ثقافة تخلّت عن كل شيء في كل شيء لتحصل على ما يجود به المانحون وأذرعهم واستطالاتهم.. فيكون مالٌ وترجمات واستضافات وتطبيع لتفتح الثقافة رجليها لتضع قدماً بأقصى المشرّقين وقدماً بأقصى المغرّبين، هؤلاء تهيأ لهم الفضاءات والمنابر الصفراء..ولكنّهم غثاء كغثاء السيل، يلفظهم شعبنا ويشير إليهم بإصبع الإبهام.
أما الصنف الآخر فهوهو باق ٍ كزيتوننا المحارب.. على الرغم من أنياب الجوع والحصار والمحو والإلغاء .. إلاّ أنه يغني لفلسطين ويقولها سرّاً وجهراً.. لقد صار غريباً في أيامنا أن نقول فلسطين.. ولا بدّ عن توخي الحذر حتى لا يظنّ المثقف المحوري أننا مازلنا نعيش في عالم آخر وفي حلم مختلف؟
ولا تحزن أيها الكبير لعدم تلقف دور النشر في بلادنا لمشروعك العالي.. ففي بلادنا محمد يرث وأحمد لا يرث.. وستأتي اللحظة التي يكتشف المثقف وغيره أنه تخلّى عن دوره ومسؤوليته..
سندافع عن الثقافة والمثقف بالقول والفعل لأنّ الأمة التي لا يوجد بها مثقفون كبار لا يوجد بها سياسيون كبار، على حدّ تعبير الشهيد الفادي صدام حسين..وفلسطين أنبتت الشجر العالي الذي لا يرضى بسماء أفل..ودورنا أن نعمم مشروعهم الكتابي ليكون بين يدي الأجيال..
العزيز الكبير ناجي علوش..
طوبى لك وأنت تجسّد البلاد مقولة عالية وعناداً مقدّساً.
طوبى لك وأنت تحرس أرواحنا من الانكسار والسقوط في اللحظة.
طوبى لك وأنت ترفع الكلام إلى آخره حتى تندحر الظلمة وتتراجع أسدافها.
طوبى لك وأنت تعانق جوز بيرزيت والخلّة والرجوم وحقول الزيتون ونبع الماء كطير شري.
طوبى لك وأنت تعلي قنطرة النزال والمواجهة مع العدو وتمنح الأجيال سنابك الأقلام، لتبقى الكلمة البندقية بوصلة المثقف حتى التحرير الناجز.
طوبى لك وأنت تعيش مع أبناء شعبك ملحمة الصبر الفلسطيني والمنازلة الغادرة.
طوبى لك وأنت تجوع ولم تبع صوتك في مزاد وبقيت على عهد الشهادة والشهداء نقياً بهياً كنجمة الصبح.
طوبى لك وأنت الحقيقي الجدير بالثقة والتقدير.
طوبى لك حتى ترضى..
فنحن على طريق فلسطين نزرع الأمل وننحاز للفرح والحياة ونطوق أعناق الأبطال بالبنفسج البرّي وشقائق النعمان، وننتصر..
وإلى لقاء قريب...
فلسطين المحتلة : 23/11/2010
مراد السوداني
الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين